الشرع إلى "عرين" ترامب... زيارة "متخَمة" بالأمن والاقتصاد
يخطف الرئيس السوري الشاب أحمد الشرع الأنظار مجدّدًا في الأيام المقبلة، عندما تطأ قدماه العاصمة الأميركية واشنطن، في زيارة رسمية هي الأولى على الإطلاق لرئيس سوري إلى هناك، منذ استقلال البلاد عن الانتداب الفرنسي عام 1946.
الزيارة الحدث مُهّد لها الطريق قبل أشهر بخطوتين مهمّتين. الأولى كانت في أيار المنصرم، عندما التقى الشرع للمرّة الأولى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجهًا لوجه في الرياض، إبّان زيارة الأخير التاريخية إلى السعودية، والتي أبدى خلالها إعجابه بالرئيس السوري كونه "مقاتلًا سابقًا وشابًا جذابًا وقوي البنية"، وتوّجها وقتذاك بإعلان رفع العقوبات المفروضة على سوريا. أمّا الخطوة الثانية، فكانت لقاء الشرع وترامب في نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الفائت.
تبدو زيارة الشرع المرتقبة إلى واشنطن، والتي ستكلّل حتمًا بلقاء قاطن البيت الأبيض، متخمة بملفات حساسة ومزدحمة بالأولويات. فكلا البلدين يجهدان لترسيخ علاقات استراتيجية بعيدة المدى، تعود بالجدوى الأمنية والاقتصادية والسياسية على عدوّي الأمس، بعد أكثر من نصف قرن شهد صعودًا وهبوطًا في علاقة واشنطن مع الأسد الأب، لتنزلق هذه العلاقة في عهد الأسد الإبن الفارّ، وتبلغ حد القطيعة النهائية، خصوصًا مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وما رافقها من إجرام ممنهج ارتكبه نظام الأسد المخلوع بحق أبناء بلده.
يتوقع المراقبون أن يوقع "الجولاني السابق" على اتفاق لانضمام بلاده إلى "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم "داعش" وأخواته. وهنا شاءت "بورصة" المصالح السياسية والتحولات التاريخية الجذرية، أن يمسي الناشط البارز في تنظيم "القاعدة" في العراق، ثمّ مؤسّس "جبهة النصرة" وبعدها "هيئة تحرير الشام" في سوريا، رئيسًا لدولة ستنضمّ إلى تحالف دولي يُعنى بمحاربة هذه التنظيمات، التي سبق أن أفرزت الجولاني نفسه، قبل أن ينزع عنه بزة المقاتل، ويرتدي ربطة العنق.
توقيع دمشق على الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، سيخوّلها سحب زمام المبادرة الأمنية من أيدي قوات "قسد" والفصائل الأخرى التي تدور في فلكها، والتي تُعدّ الذراع البرية للتحالف في حربه على الإرهاب، ليضحى بذلك الملف في عهدة الدولة السورية المركزية، التي تعاونت مرارًا سابقًا مع التحالف الدولي، من أجل استهداف خلايا "داعشية" وقياديين في التنظيم في عمق الأراضي السورية.
لا ريب في أن زيارة خليفة الأسد إلى "عرين" قائد "العالم الحرّ"، تشي بأن سوريا الجديدة قطعت أميالًا كبيرة على طريق توقيع اتفاق أمني مع إسرائيل، يعبّد الطريق في المستقبل للتطبيع مع الدولة اليهودية، خصوصًا بعد أن تنضمّ السعودية إلى "اتفاقات أبراهام"، في ظلّ نجاح ترامب في تبريد جبهة غزة، وتهيئته الظروف الملائمة في المنطقة لتوسيع مروحة التطبيع العربي مع الدولة العبرية.
لا شك أيضًا في أن دخول الرئيس السوري البيت الأبيض من بابه العريض، سينقل دمشق ومعها الشعب السوري الذي ذاق مرارة الديكتاتورية الأسدية المقيتة لأكثر من نصف قرن، من العزلة الدولية إلى جنة الانفتاح على الدول الغربية، مع ما يحمله هذا التحوّل من مكاسب اقتصادية وفيرة.
وفي هذا الإطار، سيجهد الشرع في واشنطن لتحرير اقتصاد بلاده من العقوبات الأميركية التي لا تزال تكبّله، خصوصًا تلك المشرّعة بقوانين أميركية ملزمة. لذا سيسعى إلى حشد تأييد صناع القرار الأميركيين، بغية رفع العقوبات من داخل الكونغرس نفسه، وأبرزها "قانون قيصر"، والتي لا تزال تشهد "شدّ حبال" بين المشرّعين الأميركيين، رغم التأييد الواسع لإلغاء هذه القوانين في الوسطَين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء.
ولحظة الإلغاء "التشريعي" لهذه العقوبات، تعني منح الضوء الأخضر للشركات الأميركية وسواها، لبدء رحلة إعادة الإعمار الطويلة في سوريا، مع ما يرافق ذلك من انتعاش اقتصادي لسوريا نفسها، وللدول المحيطة بها، إن أحسنت اللحاق برَكب المتغيّرات الإقليمية، التي ستنقل المنطقة في نهاية المطاف من عصر المواجهة والحروب، إلى عصر السلام والازدهار.
نايف عازار- نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|